من وسط العاصمة الرياض، تنبثق رؤية طموحة تهدف إلى جعل المملكة مركزاً عالمياً للإنتاج السينمائي. فقد أعلنت هيئة الأفلام السعودية عن إنشاء استوديوهات جاكس للأفلام كمنشأة إنتاج سينمائي حديثة ومتطورة، يُنتظر اكتمال أعمالها خلال عام 2025، في خطوة وصفها مسؤولون بأنها “حجر الزاوية” في استراتيجية بناء بنية تحتية سينمائية عالمية المستوى في السعودية.
تأتي هذه الخطوة ضمن توجه شامل لبناء منظومة إبداعية تحتضن المواهب المحلية، وتستقطب الخبرات الدولية، وتفتح الباب أمام إنتاج مشترك يُنافس عالمياً من حيث الجودة والمحتوى.
تفاصيل استوديوهات جاكس للأفلام

تقع استوديوهات جاكس للأفلام في قلب حي جاكس الإبداعي في مدينة الرياض، وتمتد على مساحة تتجاوز 7,000 متر مربع.
وتتضمن المنشأة استوديوهين صوتيين كبيرين بمساحة 1,500 متر مربع لكل منهما (ما يعادل نحو 16,000 قدم مربع)، إلى جانب واحدة من أكبر وأحدث منصات الإنتاج الافتراضي في العالم، مدعومة بتقنيات LED المتقدمة من شركة سوني.
لكن ما يميز استوديوهات جاكس للأفلام ليس فقط تقنياتها المتطورة، بل البيئة الشاملة التي توفّرها لصنّاع الأفلام، حيث تضم قاعة سينما خاصة للعرض، ومساحات اجتماعات واستقبال، وصالة لكبار الزوار، ومناطق مخصصة للتحضير والتجهيز الفني، ومرافق للضيافة والطعام.
هذا التنوع في المساحات يدعم كافة مراحل صناعة الفيلم، من الفكرة الأولية إلى العرض النهائي، ويخلق تجربة إنتاج سينمائي سلسة واحترافية.
موقع استراتيجي وبيئة محفزة

تتميّز استوديوهات جاكس للأفلام بموقعها الاستراتيجي، حيث تقع على بُعد 20 دقيقة فقط من مطار الملك خالد الدولي، ومتصلة بشبكة فنادق خمس نجوم، ومطاعم راقية، ومرافق تقنية متقدمة. هذه المزايا تتيح لفرق الإنتاج الوصول الفوري إلى كل ما يحتاجونه من خدمات لوجستية وإبداعية.
كما تقع المنشأة في منطقة تشهد نمواً متسارعاً في عدد المواهب السعودية المتخصصة في مجالات الإخراج، التصوير، المؤثرات البصرية، والمونتاج، ما يعزز من فرص بناء طواقم إنتاج محلية قوية قادرة على إنجاز أعمال تنافس على مستوى عالمي.
الإعلان من كان: خطوة مدروسة للتموضع الدولي
كشفت هيئة الأفلام السعودية عن استوديوهات جاكس للأفلام خلال مشاركتها في الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي، أحد أبرز الفعاليات السينمائية في العالم. واستقطب جناح السعودية اهتماماً واسعاً من المنتجين والمستثمرين، في إشارة إلى رغبة المملكة في التحوّل إلى مركز إقليمي ودولي للإنتاج السينمائي.
ويأتي هذا الإعلان بعد أسابيع من توقيع اتفاقية تعاون بين فيلم العلا ومجموعة استديوهات مانهاتن بيتش لإدارة استوديوهات العلا الحديثة، إلى جانب تشغيل منشآت إنتاج في مدينة نيوم، ما يشير إلى شبكة متنامية من البنية التحتية السينمائية المنتشرة في أنحاء المملكة.
تمكين محلي وجذب عالمي

صرّح عبدالله القحطاني، الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام، أن “مشروع استوديوهات جاكس للأفلام يمثل ركيزة أساسية في تنفيذ استراتيجية الهيئة لتطوير صناعة سينمائية بمعايير دولية، تُسهم في تمكين المواهب المحلية وجذب الكفاءات العالمية”.
وأضاف عبدالجليل الناصر، مدير تنمية القطاع وجذب الاستثمار، أن “استوديوهات جاكس للأفلام توفّر إمكانات إبداعية غير محدودة، بفضل واحدة من أضخم منصات الإنتاج الافتراضي على مستوى العالم، مشيراً إلى أن المنشأة ستُحدث “نقلة نوعية في أسلوب الإنتاج وتحرير الرؤية البصرية لدى صناع الأفلام”.
دعم حكومي وحوافز سخية
في إطار دعمها لصناعة السينما، تقدم السعودية حوافز إنتاجية تصل إلى 40% من إجمالي تكاليف الإنتاج للأعمال الأجنبية التي تُصوّر على أراضيها. ويأتي ذلك كجزء من جهود رؤية المملكة 2030 لتنويع الاقتصاد عبر دعم الصناعات الثقافية والإبداعية، وتحويلها إلى روافد استثمارية مستدامة.
ويشهد قطاع السينما طفرة لافتة، جعلت السعودية تتصدر سوق شباك التذاكر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، متقدمةً على أسواق كانت تاريخياً أكثر نشاطاً.
استوديوهات جاكس للأفلام: المستقبل يبدأ من هنا

تمثل استوديوهات جاكس للأفلام أكثر من مجرد بنية تحتية متطورة؛ إنها تجسيد لرؤية ثقافية شاملة تسعى لبناء اقتصاد إبداعي قائم على الموهبة والتقنية. في بيئة متكاملة، وموقع استراتيجي، وتحت مظلة دعم حكومي قوي، تنطلق هذه الاستوديوهات لتضع السعودية في قلب المشهد السينمائي العالمي.
فهي ليست فقط مساحة إنتاج، بل أيضاً منصة لتمكين الجيل الجديد من صناع الأفلام، وتوفير فرص تدريبية وتعاونية مع كبرى الشركات العالمية. كما ستسهم استوديوهات جاكس للأفلام في تحفيز الصناعات الإبداعية المرتبطة بها، مثل التصميم، المؤثرات البصرية، والتقنيات الرقمية، مما يعزز من مكانة المملكة كمركز متكامل لصناعة المحتوى في الشرق الأوسط والعالم.
قد يهمكم أيضاً: التاكسي ذاتي القيادة.. وسيلة النقل المستقبلية في الرياض