لا يشبه موقع الحجر أو مدائن صالح، أي مكان أثري آخر في العالم، فالهدوء والسكينة تسيطران عليه ورائحة التاريخ تعبق فيه وتكاد جدرانه تحكي قصته المليئة بالغموض والأسرار.
غالباً عند زيارة المعالم التاريخية في أرجاء العالم، تطغى الأجواء السياحية على المكان، من أصوات البائعين والمرشدين السياحيين إلى الزائرين وحقائبهم وكاميراتهم. إلا أنّ الحجر في العلا قصة أخرى.
نأخذكم في جولة في أول موقع تراث عالمي لليونسكو في المملكة العربية السعودية، الحجر، (أحد ستة مواقع عالمية أخرى مدرجة حتّى الآن في السعودية في قائمة التراث العالمي). يغلب عليه الصمت والهدوء، وهو موطن لأكثر من مئة مقبرة محفوظة جيداً. هدوء المكان ليس غريباً، فالمملكة افتتحت أبوابها مؤخراً للسياح، ما يعني أنه لديكم فرصة نادرة للوقوف وجهاً لوجه مع التاريخ والسير في طريق نادراً ما تم السير فيه.
تعرفوا على السكان المحليين في منطقة الحجر
مرشدتنا السياحية، أمل الجهاني، هي من السكان المحليين في المنطقة وقد شهدت تغيير صورة المنطقة، من منطقة محظورة كانت تُعتبر في السابق ملعونة، إلى كنز وطني وجزء من رؤية السعودية 2030. فمشروع تجديد العلا يشكل فرصة كبيرة للسكان المحليين بالنسبة لفرص عمل وتعزيز السياحة.
تقول أمل: “كنا نلعب هنا خلال طفولتنا ونركض حول القبور”. تخيلوا أن تكون منطقة البتراء الأثرية، التي تتشابه مع مدائن صالح كثيراً، مكاناً لذكريات طفولتكم.
يفضّل المرشدون السياحيون مصطلح “راوي القصص”، وهذا بالضبط ما يصلح استخدامه في العلا والمملكة بشكلٍ عام، إذ أنّ هنالك الكثير من القصص التي لم تروى بعد والتي بدأ الزوار بالتعرّف عليها مؤخراً.
جولة عبر التاريخ
ما يميز موقع الحجر في العلا هو عراقته التاريخية المشابهة لأهرامات الجيزة، وقد تشعرون أنكم بجولة حصرية تراعي إجراءات التباعد الصحي بسبب قلة عدد السياح في الوقت الحالي. ما يعني أنكم تستطيعون التقاط الكثير من الصور الملحمية الفريدة والمميزة، والتي تجعلكم تبدون وكأنكم تلعبون دور البطولة في فيلم أسطوري.
يبدو موقع الحجر كمتحف ضخم في الهواء الطلق، ولتجربة أجمل في رحلتكم هذه عبر التاريخ، لديكم الحرية باختيار وسيلة تنقلكم من السيارات الخاصة إلى الحافلات الجماعية. واعتباراً من نوفمبر يمكنكم التجوّل بالدراجات الإلكترونية.
استعدوا: فالمنطقة مليئة بالغبار وستتراكم الرمال في شعركم وأحذيتكم وفمكم. كما يمكن أن يكون الجو شديد الحرارة – فأنتم في وسط الصحراء – ولكن لا تقلقوا، فزيارة المقابر توفر فترة راحة في الظل بعيداً عن الحرارة.
وجهاً لوجه مع الفن الصخري
قد لا يكون التنقل بين القبور ممتعاً لكم، لكن سترون وتسمعون بعض من القصص المثيرة حول الحضارة التي يعود تاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد. كانت المنطقة في الأصل طريقاً تجارياً للحجاج المتجهين نحو مكة المكرمة، وتظهر عليها علامات الحضارة النبطية.
حتّى وإن كانت الآثار لا تستهويكم كثيراً، هنالك الكثير من المعالم التي تمنحكم فكرة أعمق عن تاريخ المنطقة وحضارتها الضاربة في القدم. فمثلاً ستظهر لكم صخرة جبل الفتاة أنّ النساء كن يتمتعنّ بمكانة هامة بما يكفي لامتلاك مقابرهن الخاصة، حتّى أنّ بعضهن كان كبيراً بما يكفي لاستيعاب 30 فرداً من أفراد الأسرة. معلم آخر يستحق الوقوف عنده والتقاط الصور، هو صخرة الوجه، وهي صخرة تشبه المظهر الجانبي للوجه، التي ستكون رائعة على حسابتكم في وسائل التواصل الاجتماعي.
احرصوا على مشاهدة غروب الشمس عند انتهاء الجولة في قصر الفريد، الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 22 متراً والذي تم بناؤه من أجل حيان بن كوزا، إذ سترون مشهداً لا ينسى.
لا تفوتوا الإقامة في العلا والتجول في الحجر. حيث ستشعرون وكأنكم في بلد آخر – في الواقع، العلا بحجم بلجيكا، وهي بحق جوهرة قيّمة في المملكة العربية السعودية.
الحجر: وجهة مليئة بالنجوم التي ستلهمكم وتمدكم بشعور لا ينسى.
اكتشفوا المزيد عن الحجر والعلا عبر: experiencealula.com
